الحقيقة المرعبة وراء الوباء القادم.. «كوفيد -١٩» مجرد البداية
تقارير أمريكية.. الحرب البيولوجية على الأبواب
تمثل الحرب البيولوجية تحديا كبيرا للأمن العالمى، خاصة مع التقدم السريع فى التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية. جائحة كوفيد-١٩ وما نتج عنها من أزمات اقتصادية وصحية واجتماعية، سلطت الضوء على كيف يمكن أن يتحول المرض إلى سلاح بشكل غير مسبوق.
تاريخ استخدام الأسلحة البيولوجية يظهر كيف أن هذه الأسلحة كانت دائما محط جدل وأهمية فى الصراعات العسكرية، ففى الحرب العالمية الأولى، بدأت بعض الدول تجرى أبحاثا حول استخدام البكتيريا والفيروسات لنشر الأمراض، إلا أن هذه المحاولات كانت محدودة وغير فعالة بشكل كبير ولم تنفذ على نطاق واسع.
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، تغير المشهد تماما، حيث كثفت الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى جهودهما لتطوير أسلحة بيولوجية متقدمة. على سبيل المثال الولايات المتحدة، أنشأت مشاريع بحثية ومختبرات متخصصة لدراسة مسببات الأمراض، وركزت الجهود على تطوير أسلحة تعتمد على بكتيريا خطيرة مثل الجمرة الخبيثة والطاعون. فى المقابل، عمل الاتحاد السوفيتى على برنامج سرى متقدم لتطوير الأسلحة البيولوجية، معروف باسم «Biopreparat».
فترة الحرب الباردة كانت مرحلة حرجة فى تاريخ الأسلحة البيولوجية حيث خشى الطرفان من قدرة الآخر على استخدام هذه الأسلحة. فى ظل هذا الوضع، تم إبرام معاهدة الأمم المتحدة حول حظر الأسلحة البيولوجية فى ١٩٧٢، والتى تهدف إلى منع تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية. ورغم ذلك، استمرت الشكوك حول نوايا الدول الكبرى وقدرتها على خرق هذه المعاهدات.
مع التقدم التكنولوجى المتسارع فى مجالات مثل التحرير الجينى والهندسة الوراثية بجانب الذكاء الاصطناعى، أصبح تطوير الأسلحة البيولوجية أسهل بكثير مما كان عليه فى الماضى، فيمكن الآن لمجموعات صغيرة من الأفراد استخدام المواد المتاحة تجاريا لتصنيع الفيروسات والأمراض، وهو ما يفتح الباب لتهديدات جديدة ومحتملة، ومما يزيد الأمر سوءًا أن نماذج الذكاء الاصطناعى الحديثة قد تمكنت من توفير معلومات تفصيلية حول كيفية إنتاج عوامل بيولوجية ضارة، بما فى ذلك الخطوات العملية لإعادة إنتاجها فى المختبرات، كما أظهرت دراسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن هذه النماذج قادرة على اقتراح طرق لتصميم فيروسات قاتلة قادرة على إطلاق أوبئة عالمية.
وفى هذا السياق، سلط تقرير لمجلة «فورين أفيرز» الأمريكية الضوء على الآثار التدميرية لجائحة كوفيد-١٩، التى انطلقت من ووهان بالصين فى عام ٢٠١٩، وكيف كانت بمثابة إنذار كشف ضعف المناعة العالمية ضد التهديدات البيولوجية، بعد أن تسبب فى وفاة نحو ٢٧ مليون شخص، وانهار معه الاقتصاد العالمى والأنظمة الصحية، وعطلت الحياة اليومية، وحتى الآن وما زال العالم يعانى من تداعياته.
وعلى الرغم من التقدم الهائل الذى أحرزته الدول فى مجال مكافحة الأمراض والتقنيات البيولوجية، إلا أن بعض الدول مثل كوريا الشمالية وروسيا والصين وإيران لا تزال تعمل على تعزيز قدراتها فى تطوير الأسلحة البيولوجية.
تقرير حديث لصحيفة «واشنطن بوست» كشف أن هناك عشرات الفرق البحثية فى العالم تعمل على صناعة فيروس أكثر فتكا من كوفيد-١٩، وبحسب التقرير، أعادت روسيا فتح مختبر عسكرى سابق لتطوير الأسلحة البيولوجية، بينما تتابع الصين بروتوكولات بحثية متعلقة بالبيولوجيا العسكرية، ويناقش ضباطا عسكريين كبارًا مميزات الحروب البيولوجية الهجومية، حتى أن أحدهم وصفها بأنها أقل كلفة وأكثر فاعلية من الأسلحة النووية فى عمليات القتل الجماعى.
وخلص التقرير إلى أن التحديات التى تواجهها المجتمعات بسبب مخاطر ما ينتج من تهديدات الحروب البيولوجية تتطلب استراتيجيات متعددة الأبعاد تشمل التزامات قانونية وأطر تعاون عالمى لا تعتمد فقط على المعاهدات والاتفاقيات الدولية التى تلعب دورا مهمًا، بل تستند إلى التقنيات المتطورة للكشف السريع عن الأمراض من خلال دعم نظام قوى لتتبع الأبحاث التى تنطوى على خطر كبير هذه الاستراتيجيات، وهذا يشمل استخدام تقنيات مثل «كريسبر» لتحديد المتغيرات الفيروسية الناشئة وتحليل البيانات بسرعة للوصول إلى مصادر التهديدات، سواء كانت طبيعية أو ناتجة عن تدخلات بشرية فى الهندسة البيولوجية.