محمد أكرم دياب يكتب: صبر عم رياض الفلسطيني

بوابة الفجر

تفاجأت بصورة "الاطلال "ينشرها على حسابه تحت عنوان بيت العايدي امام مدرسة دير ياسين تم تسويته بالأرض، بعدما تلقى ضربة جوية من قوات الاحتلال الصعيوني في غزة، عرفت عم رياض العايدي منذ عامين تقريبا في مدينة دهب وكأنه رسالة من المولى في رحلاتي هناك، تتلقى دائما الرسائل الالهية إذا كانت زيارتك من أجل ذلك فهي ارض التجلي.

وجدته بفندق صديقي ابو سليمان نزيل بالجوار، على معرفة بالصديق المصري جيدا التقينا للمرة الاولى بدردشة سريعة ومعرفة سطحية، كانت لدي بعض الهموم التي لم تضاهي كارثة عم رياض في تركيا التي جاء إلى دهب لتفريغ شحنات الفزع والغضب بعدما هدم منزله وانتهت تجارته هناك اثر الزلزال الشهير، تحدث كثيرا عن فزعه من أطلال العمارات ومنازل تركيا وما تركته في نفسه وكيف شعر بخطوات الموت في البناية بعد اهتزازها وهدمها امامه.

قدمت إلى مطار شرم الشيخ وسمعت عن دهب اليومين فيها نسوني الزلزال، سافرنا سويا إلى القاهرة لديه اخته في اكتوبر هناك سيقيم لفترة، لم يمضي اسبوع حتى تلقى عم رياض فزعته الثانيه فهناك من تمكن من سرقة اخته، مجوهرات ودولارات تقدر اجماليها بعشرون الف دولار، رغم شكوكه في حارس العقار كان درسه الثاني لي عدم اكمال المحضر ضده لشك ضئيل في انتفاء علاقته بواقعة السرقة قال لي "ربنا هيعوض بالاحسن، لكن مقدرش اتحمل ظلم حد".

لم تمضي ايام قليلة عانى فيها عم رياض من التعب ومحاولات استشفاء كثيرة، حتى صعق بخبر وفاة اخته في مصر وتولى تجهيزات الدفن، كوارث كثيرة في ايام قليلة جعلتني في كل مقابلة اقول مازحا مع الاسى والتعجب من صبره وهدوئه " حياتك سريعة أو ي ياعم رياض "، ادعوا الله دائما ان يعوضه خيرا، حتى جاءت الأخبار المفرحة .

في سبتمبر ٢٠٢٣ كان زواج ابنته عقب عودته من تركيا في المرة الثانية لتصفية اعماله بعد الزلزال،  فهي واحدة من احد عشر ابنا، الذي اثار دهشتي عندما علمت عدد ابنائه، فأوضح لي ان معظم الفلسطنيين كذلك يحرصون على عدد الابناء المتزايد  تنفيذا لوصية ابو عمار الرئيس الراحل ياسر عرفات، فرحت معه بالزواج وجلسنا في مدينة نصر نلعب النرد في فرحة بانتهاء احزان عم رياض.

مر يومان حتى سهر معي يوم كامل بعدها تحركنا إلى صديقنا في الاسماعيلية قبل ان يقرر خوض رحلة الصبر الاكبر، فهي اخر ايامه في مصر وسيذهب إلى غزة للاطمئنان على والدته ورغم شعورنا بحدوث شئ له حوالنا تخذيره من السفر لكنه غادر في الثالث من اكتوبر ٢٠٢٣ وبائت محاولتنا بالفشل لم يمضي هناك سوى ايام حتى بدأت حرب غزة من وقتها واحفظه في دعواتي، كثيرا ما حدثته للنزوح إلى مصر رفض لاجل والدته، حتى فاجئنا بعدم منزله بالكامل من قبل الاحتلال لكن هو في رعاية الله ولم يصبه سوءا.