خالد الجندي: ترك الظالم والعاصي دون عقوبة في الدنيا غضب من الله
أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن ترك الظالم والعاصي دون عقوبة في الدنيا غضب من الله.
وأضاف "الجندي"، خلال تقديمه برنامج "لعلهم يفقهون" المذاع عبر فضائية "dmc"، اليوم السبت، أن أحد أصدقاءه تحدث معه عن أنه كان يجلس مع عدد من الأثرياء وأصحاب الأموال، وأثناء حواره معهم تطرقوا لموضوع الزكاة، فقال له أحدهم إن زكاته 4 مليون جنيه سنويًا، وأنه لا يخرج الزكاة منذ 6 سنوات، فرد عليه قائلًا: "وربنا هيباركلك في فلوسك".
واعتبر، أن عدم العقاب علامة على غضب الله، فهناك حكمة للعلماء تقول إذا غضب الله على عبد رزقه مال حرام، واذا اشتد غضبه عليه بارك الله فيه، منوهًا بأن العقاب طهارة وغسل من الذنوب، مشددًا على أن أخطر نوع من البشر الذين يأجل حسابهم ليوم القيامة، مستدلًا على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى: " ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا وَبَنِينَ شُهُودًا وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا".
وتحدث الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر عن كل ما يخص الزكاة ونصابها سواء لمال أو عقار أو ودائع بنكية وغيرها خلال حوار مع "الفجر" جاء نصه كالتالي:
ما حكم التعجيل بدفع الزكاة في وقت انتشار الأوبئة؟
يجوز تعجيل الزكاة فى أوقات العسرة والأزمات كالتى يمر بها العالم هذه الأيام، والشريعة الإسلامية أكدت فى هذه الأحوال على زيادة ثواب النفقة وعظم أجر الصدقة ومضاعفة ثواب الزكاة؛ وكلما عظمت الفاقة واشتدت الحاجة وقوى الكرب كان العطاء أجدى لدفع البلاء وكانت النفقة أجلبَ لرضوان الرب؛ فأحب النفقة إلى الله تعالى ما كانت أكثر سدًا لحاجة المحتاجين، وأثوب الزكاة ما كانت سببًا فى تفريج كرب المكروبين.
وإجابة السؤال أنه يجوز تعجيل الزكاة فى أزمنة الأزمات؛ كالقحط، والأوبئة، ونحوها، وذلك مأخوذ من فعل النبى صلى الله عليه وآله وسلم، وأخذ به جمهور الفقهاء.
وعن على بن أبى طالب كرم الله وجهه: «أنَّ العبَّاس رضى الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحلَّ، فرخَّص له في ذلك» رواه الإمام أحمد في «المسند»، وأبو داود والترمذى وابن ماجه في «السنن»، وابن خزيمة في «صحيحه»، والحاكم في «المستدرك» وصححه.
وفى رواية عن على رضى الله عنه: «بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمرَ رضى الله عنه على الصدقة، فأتى العباسَ رضى الله عنه يسأله صدقة ماله، فقال: قد عجَّــلْتُ لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدقةَ سنتين، فرفعه عمر رضى الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «صَدَقَ عَمِّي؛ قَدْ تَعَجَّلْنَا مِنْهُ صَدَقَةَ سَنَتَيْنِ» أخرجها أبوعبيد في كتاب «الأموال».
وأخذ جمهور الفقهاء بهذا الحديث؛ فأجازوا للمزكِّى تعجيل إخراج زكاة ماله قبل أوانها؛ رعاية لمصلحة المستحقين لها ومنهم من نص على مشروعية تعجيلها في أوقات الأزمات.
ما هي زكاة المال؟ وما شروط الزكاة ووجبها؟
من المقرر شرعًا أن زكاة المال ركن من أركان الإسلام الخمسة وفرض عين على كل مسلم توافرت فيه شروط وجوب الزكاة وأهمها أن يبلغ المال المملوك النصاب الشرعي وألا يكون مالكه مدينا وأن يمر على امتلاك المال سنة قمرية.
والنصاب الشرعي هو ما تعادل قيمته بالنقود الحالية 85 جراما من الذهب عيار 21.
ما مقدار الزكاة على الأموال المودعة في البنوك وينفق الشخص من ريعها؟ هل على أصل المال أم على الريع؟
هذه مسألة محدثة وحديثة وهى أن يضع إنسان أموالًا في البنك ولا يكون له مورد رزق إلا هذه الأموال وهو لا يستطيع أن يفك هذه الودائع، فشبهت هذه الودائع بالأرض وأصبح هناك رأى يقول به الشيخ عبدالله المشد، رئيس لجنة الفتوى عضو مجمع البحوث ومن كبار علماء الأزهر – رحمه الله تعالى – وهذا الرأي هو: أننا نخرج العُشْر أي 10% من الإيراد، وهى فتوى معتبرة لها ما يؤيدها من أن هذه الأموال تشُبهْ الأرض، لأن صاحب الوديعة لا يكون قادرًا على فكها.
والفقه الموروث ليس فيه هذه الفتوى، ولكن هذه الفتوى توائم العصر الذى نعيش فيه، لأن كثيرًا من الناس يبلغون سن التقاعد ولا يكون لديهم إلا هذه عائد الودائع لتكون مورد رزقه لينفق منه على احتياجاته المعيشية وقيمة العملة تنخفض دائمًا نتيجة للتضخم في العالم كله، كما أن أسعار السلع في ارتفاع مستمر فإذا أخذنا من أصل المال نقص، وانخفض الربح بعد ذلك، فلا يستطيع صاحب المال بعد ذلك أن يوائم حياته ولا يستطيع أن يقوم بمقتضياتها.
ولذلك كانت هذه الفتوى مناسبة جدًا لهذه الحالة؛ فإذا كنت أدخر مبلغًا من المال هو أساس ثروتي ولا أستطيع أن أفكه، فهذه الوديعة الموجودة لدى البنك تشبه الأرض لأن زكاة الأرض لا تكون حسب قيمتها، ولكن على الإنتاج ونتاج الأرض نخرج منه العشر، وفى حال الودائع نخرج العشر أيضًا، ولا بأس أن نأخذ بهذه الفتوى.
وإن كانت لم ترد في الفقه الموروث عن الأئمة الأربعة- ونخرج 10% من قيمة الأرباح والعوائد التي تدرها، ولو أن شخصًا ليه 100 ألف جنيه ووضعها في هذا الاستثمار كوديعة تأتى له بـ10 آلاف في السنة وفى هذه الحالة يخرج زكاة عبارة عن 10% من الـ10 آلاف يعنى ألف جنيه فقط، ولو أنه أخرج 2.5 % في الألف سيخرج 2500 جنيه والفتوى هنا تخفف العبء وتناسب الإيراد.
في حالة الودائع الدولارية – والتي تأتى بعائد وربح قليل- وإذا كلفنا صاحب الوديعة أن يدفع 2.5% من أصل رأس المال: لا يكفى، لأن العائد أقل من هذه النسبة لأن العائد على الودائع الدولارية 1% أو أقل حاليًا.
إذن فهذه فتوى مناسبة فعلًا لمقتضيات العصر ولحالة الناس ومصالحهم، وهى فتوى شرعية مبنية على دليل يُسمى عند الأصوليين «غلبة الأشباه» يعنى تردد هذا الأصل بين أصلين: الأرض أو النقود، فنلحق هذا الأصل بأيهما هو أقرب شبهًا، وهذه العملية عملية فقهية معتمدة، ولا بأس من أن تقليد هذه الفتوى إن كان للشخص مصدر دخل آخر ولكنه لا يكفيه.