شيخ الأزهر: الإيمان بالسببية لا يصطدم مع التوكل على الله (فيديو)
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الفلسفة الإلحادية وبعض الفلسفات العقلية تقول بإن الربط بين السبب والمسبب عقلي ولا يمكن أن يتخلف أبدًا، بينما الإمام الغزالي والأشاعرة أكدوا أن هذا اعتقاد خطر على الإيمان بالله؛ لأن العلاقة بين السبب والمسبب عند من يؤمنون بالله أن الله لو أراد أن لا يحدث احتراق عند ملامسة النار لشيء ما لما استطاع السبب أن يفعل شيء في المسبب.
واستدل "الطيب"، خلال برنامج "الإمام الطيب" المذاع عبر فضائية "dmc"، اليوم السبت، على ذلك بمعجزة سيدنا إبراهيم بعدم احتراقه رغم وضعه في النار، فوجدت النار ولم يوجد الاحتراق، موضحًا أن هذا يعني أن هناك سبب أخر يقول للنار إحرقي فتحرق، أو يقول لا تحرقي فلا تحرق وتكون بردًا وسلامًا، وكذلك معجزة سيدنا موسى عليه السلام، عند مروره البحر والمياه يمينه وشماله ولا يغرق.
وتابع الإمام الأكبر، أن العلاقة بين السبب والمسبب عند الأشاعرة والغزالي ليست عقلية حتمية ضرورية، وإنما عادية، فالله أجرى العادة أن النار تحرق، فمسبب الأسباب هو الذي يجعل السبب يؤثر أولا يؤثر، منوهًا بأن هناك فيلسوف انجليزي معاصر ملحد ديفيد هيوم، قال بما قالت به الأشاعرة إنه لا يعترف لأن النار سبب الاحتراق، وينطلق هذا من أنه لا يعترف بوجود شيء إلا إذا خضع للحس، وهو لا يؤمن بالله لأنه لم يراه، مشددًا على أن مبدأ السببية لا يصطدم مع التوكل على الله المأمور به شرعًا، والمؤمن يؤمن بالسبب والمسبب باعتباره مأمور به شرعًا، ولكن لا يعتقد أن السبب مؤثر بذاته وإنما ما يحدث أثر السبب في المسبب هو الله سبحانه وتعالى.
وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن وجوب صومِ شهرِ رمضانَ ثابتٌ بنصٍّ قطعيٍّ، معلوم من الدِّينِ بالضَّرورةِ، وهو واجبٌ على كلِّ مكلَّفٍ مقيمٍ صحيحٍ خالٍ من الأعذار الشَّرعيةِ التي تمنعه من الصوم، كالمريض مثلا كما في قوله تعالَى: "فمَن كان منكم مريضًا أو على سفرٍ فعدَّةٌ من أيام أُخر".
وأضاف فضيلة الإمام في بيان له: "لا عبرةَ بما يُشيعُه بعض الناس من أنَّ الصوم يُضعِفُ مناعةَ الإنسانِ الصحيحِ، ويُعرِّضه للإصابةِ بـ "فيروس كورونا" فهذه كلُّها دعواتٌ متهافتةٌ لا أساسَ لها عند علماءِ الطبِّ وأساتذته المختصِّينَ، ولا عند ممثلي منظمة الصِّحَّة العالميَّة وقد عقدوا اجتماعًا خاصًّا لمناقشة هذا الأمر في الأزهر الشريف، وانتهوا إلى أنه لا علاقة بين الإصابة بمرض كورونا وصوم رمضان".
وأوصى فضيلة الإمام الأكبر، المسلمينَ بعدة وصايا:
1- الحفاظ على الصلواتِ المفروضةِ وسنةِ التراويحِ في المنازل مع الزوجة والأبناء.
2 - ضرورة استغلال الوقت في العبادةِ وتلاوةِ القرآن.
3 - ألَّا يلتفتُوا للدعواتِّ الشاذَّةِ، وأن يتقيَّدوا بقولِ العُلماء والهيئاتِ الدِّينيَّة المعتمدةِ، والتي ترجِعُ في تقديرِ الحكمِ الشرعيِّ إلى أهلِ الاختصاصِ بهذه الجائحةِ {ذلكَ ومَن يُعظِّمْ شَعَائِرَ الله فإنَّها مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ}.
4 - الفقراء أمانةٌ في أعناقِكم، فكونوا لهم عونًا وسندًا ولا تمنعوهم من فضلِ الله الذي آتاكم، فأكرموهم وابذلُوا لهم العطاءَ، واعلموا أن هناك طائفة منهم لا يسألون الناسَ ولا يطلبون شيئًا، تحسبونهم أغنياءَ من التعفُّفِ، فابحثوا عن هؤلاءِ، وصونوا عزةِ نفوسِهم، واجبرُوا خواطرِهم، وعجِّلوا بزكاتِكم، عسى الله أن يُعجِّلَ بأمرٍ من عنده يكون لنا فرجًا ومخرجًا من هذه الأزمةِ الإنسانيةِ.
5 - استغِلُّوا الوقتَ في العبادةِ وتلاوةِ القرآنِ، وغرسِ القيمِ والأخلاقِ في أفراد الأسرة.
6 - اجعلوا من هذا الشهرِ الكريم فرصةً للتضرُّعِ إلى الله عزَّ وجلَّ أن يُزيحَ هذا الوباءَ، فالمؤمنُ ليس له ملجأ غيرَ الله تعالى يلجأُ إليه ويطمعُ في رحمته وعفوه، ولا ينفكُّ المسلمُ مُفتقِرًا إليه في جلبِ المنافعِ، ودفعِ المضارِّ.
7- الأخذِ بالأسبابِ، إن أصابتْه سرَّاءُ كان من الشاكرينَ، وإن أصابته ضراءُ كان من الصابرينَ.
8- وعليكم بحسن الظن بالله، وثقوا بأنه سبحانه سيرفع البلاء وستعود حياة الناس إلى طبيعتها دينًا ودنيا، فهو سبحانه القائل عن نفسه في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي".