شيخ الأزهر: الإسلام لا يسعى للحرب وإراقة الدماء (فيديو)
أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن الله سبحانه وتعالى رغب عباده في التراحم بجميع صوره وأشكاله، ووسع من مجالات تداولها حتى شملت عوالم المخلوقات كلها، وتراكم في تراثنا من هذه التعاليم ما يستحق المباهاة والفخر، فالله الذي يؤمن به المسلمين هو الرحمن الرحيم، ورسولهم الذي يتبعونه هو الرؤوف الرحيم، والعباد على اختلاف ألوانهم وعقائدهم ومللهم وأديانهم إخوة في فلسفة الإسلام، وإخوتهم شهادة كان يرددها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عقب صلاته ويقول: " أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ الْعِبَادَ كُلَّهُمُ إخْوَةٌ".
وأضاف "الطيب"، خلال برنامج "الإمام الطيب" المذاع عبر فضائية "dmc"، اليوم الخميس، أن حق السلام مكفول للعباد كلهم في شرائع هذا الدين، والإسلام لا يسعى للحرب ولا إراقة الدماء ما وسعه ذلك، ويعتصم بمبدأ السلام لأخر مدى ممكن، والمسلمون لا يقاتلون إلا من يقاتلهم، مستدلًا على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى: " وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ".
وتابع الإمام الأكبر، أنه أن وقع قتال في الإسلام يكون لدفع عدو مقاتل وصد لهجومه، ودفاع المسلم مضبوط بالعدل وعدم التجاوز؛ لكون الاعتداء عدوان يكرهه الله، ولو كان موجه ضد الكافرين، موضحًا أنه لو فرض القتال على المسلمين، فلا يحق لهم أن يقتلوا الرهبان ولا الصبيان ولا النساء ولا الفلاحين، ولا العجزة ومكفوفي البصر ولا حتى الحيوانات في جيش الأعداء إلا لضرورة الأكل، وهذه هي الرحمة التي تجسدت بتمامها في نبي الإسلام، وأعلت صوته في العالمين، إنها الرحمة بالإنسان بالحيوان.
وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن وجوب صومِ شهرِ رمضانَ ثابتٌ بنصٍّ قطعيٍّ، معلوم من الدِّينِ بالضَّرورةِ، وهو واجبٌ على كلِّ مكلَّفٍ مقيمٍ صحيحٍ خالٍ من الأعذار الشَّرعيةِ التي تمنعه من الصوم، كالمريض مثلا كما في قوله تعالَى:
"فمَن كان منكم مريضًا أو على سفرٍ فعدَّةٌ من أيام أُخر".
وأضاف فضيلة الإمام في بيان له: "لا عبرةَ بما يُشيعُه بعض الناس من أنَّ الصوم يُضعِفُ مناعةَ الإنسانِ الصحيحِ، ويُعرِّضه للإصابةِ بـ "فيروس كورونا" فهذه كلُّها دعواتٌ متهافتةٌ لا أساسَ لها عند علماءِ الطبِّ وأساتذته المختصِّينَ، ولا عند ممثلي منظمة الصِّحَّة العالميَّة وقد عقدوا اجتماعًا خاصًّا لمناقشة هذا الأمر في الأزهر الشريف، وانتهوا إلى أنه لا علاقة بين الإصابة بمرض كورونا وصوم رمضان".
وأوصى فضيلة الإمام الأكبر، المسلمينَ بعدة وصايا:
1- الحفاظ على الصلواتِ المفروضةِ وسنةِ التراويحِ في المنازل مع الزوجة والأبناء.
2 - ضرورة استغلال الوقت في العبادةِ وتلاوةِ القرآن.
3 - ألَّا يلتفتُوا للدعواتِّ الشاذَّةِ، وأن يتقيَّدوا بقولِ العُلماء والهيئاتِ الدِّينيَّة المعتمدةِ، والتي ترجِعُ في تقديرِ الحكمِ الشرعيِّ إلى أهلِ الاختصاصِ بهذه الجائحةِ {ذلكَ ومَن يُعظِّمْ شَعَائِرَ الله فإنَّها مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ}.
4 - الفقراء أمانةٌ في أعناقِكم، فكونوا لهم عونًا وسندًا ولا تمنعوهم من فضلِ الله الذي آتاكم، فأكرموهم وابذلُوا لهم العطاءَ، واعلموا أن هناك طائفة منهم لا يسألون الناسَ ولا يطلبون شيئًا، تحسبونهم أغنياءَ من التعفُّفِ، فابحثوا عن هؤلاءِ، وصونوا عزةِ نفوسِهم، واجبرُوا خواطرِهم، وعجِّلوا بزكاتِكم، عسى الله أن يُعجِّلَ بأمرٍ من عنده يكون لنا فرجًا ومخرجًا من هذه الأزمةِ الإنسانيةِ.
5 - استغِلُّوا الوقتَ في العبادةِ وتلاوةِ القرآنِ، وغرسِ القيمِ والأخلاقِ في أفراد الأسرة.
6 - اجعلوا من هذا الشهرِ الكريم فرصةً للتضرُّعِ إلى الله عزَّ وجلَّ أن يُزيحَ هذا الوباءَ، فالمؤمنُ ليس له ملجأ غيرَ الله تعالى يلجأُ إليه ويطمعُ في رحمته وعفوه، ولا ينفكُّ المسلمُ مُفتقِرًا إليه في جلبِ المنافعِ، ودفعِ المضارِّ.
7- الأخذِ بالأسبابِ، إن أصابتْه سرَّاءُ كان من الشاكرينَ، وإن أصابته ضراءُ كان من الصابرينَ.
8- وعليكم بحسن الظن بالله، وثقوا بأنه سبحانه سيرفع البلاء وستعود حياة الناس إلى طبيعتها دينًا ودنيا، فهو سبحانه القائل عن نفسه في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي".