شيخ الأزهر: غياب الرحمة سبب التفكك الأسري وإشعال الحروب (فيديو)
أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن الرحمة والتراحم من أبرز الصفات الخلقية التي أمرنا الشرع بالتحلي بها، ويحتاج الناس اليوم لضمان حياة إنسانية كريمة؛ لما لها من أثر بعيد المدى في تعميق الشعور بالمحبة والمودة وتحقيق عمارة الأرض، ولما لغيابها من أثر قوي في تحويل الناس لشيء أشبه بالفوضى والتفكك الأسري والاجتماعي، وإيقاظ نوازع الشر وإشعال الحروب والتسلط على البلاد والعباد.
وأضاف "الطيب"، خلال برنامج "الإمام الطيب" المذاع عبر فضائية "dmc"، اليوم الخميس، أن من عظمة صفة الرحمة أن الله سبحانه وتعالى تسمى بها مرة باسم الرحمن ومرة باسم الرحيم، وأن اسم الرحم التي هي علاقة القربى ومناط التواصل بين بني آدم مشتق من صفة الرحمة التي اتسم بها الله سبحانه وتعالى.
وتابع الإمام الأكبر، أن صفة الرحمة وردت في القرآن الكريم 199 مرة، وبمعاني كثيرة منها أرزاق المخلوقات، والغيث المرسل من السماء، والعافية من الابتلاء والاختبار، والألفة والمحبة، ووصفت بها التوراة المنزلة على سيدنا موسى، ووصف بها القرآن الكريم، منوهًا بأن الرحمة في بني آدم هي إرادة إيصال الخير، وهي حالة وجدانية تعرض للإنسان الرقيق القلب، وهي مبدأ الرفق بالأخر والإحسان إليه، بينما الرحمة التي يتصف بها الله فهي من قبيل الإحسان المجرد عن الأعراض المادية الحسية، وهي أوسع وأشمل تسع الخلق جميعًا في الدنيا والأخرة، مستدلًا على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى: " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ"، ورفق الله بعباده ولطفه به أكثر من انتقامه وهو ارحم بالعباد من الوالدة بولديها.
وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن وجوب صومِ شهرِ رمضانَ ثابتٌ بنصٍّ قطعيٍّ، معلوم من الدِّينِ بالضَّرورةِ، وهو واجبٌ على كلِّ مكلَّفٍ مقيمٍ صحيحٍ خالٍ من الأعذار الشَّرعيةِ التي تمنعه من الصوم، كالمريض مثلا كما في قوله تعالَى:
"فمَن كان منكم مريضًا أو على سفرٍ فعدَّةٌ من أيام أُخر".
وأضاف فضيلة الإمام في بيان له: "لا عبرةَ بما يُشيعُه بعض الناس من أنَّ الصوم يُضعِفُ مناعةَ الإنسانِ الصحيحِ، ويُعرِّضه للإصابةِ بـ "فيروس كورونا" فهذه كلُّها دعواتٌ متهافتةٌ لا أساسَ لها عند علماءِ الطبِّ وأساتذته المختصِّينَ، ولا عند ممثلي منظمة الصِّحَّة العالميَّة وقد عقدوا اجتماعًا خاصًّا لمناقشة هذا الأمر في الأزهر الشريف، وانتهوا إلى أنه لا علاقة بين الإصابة بمرض كورونا وصوم رمضان".
وأوصى فضيلة الإمام الأكبر، المسلمينَ بعدة وصايا:
1- الحفاظ على الصلواتِ المفروضةِ وسنةِ التراويحِ في المنازل مع الزوجة والأبناء.
2 - ضرورة استغلال الوقت في العبادةِ وتلاوةِ القرآن.
3 - ألَّا يلتفتُوا للدعواتِّ الشاذَّةِ، وأن يتقيَّدوا بقولِ العُلماء والهيئاتِ الدِّينيَّة المعتمدةِ، والتي ترجِعُ في تقديرِ الحكمِ الشرعيِّ إلى أهلِ الاختصاصِ بهذه الجائحةِ {ذلكَ ومَن يُعظِّمْ شَعَائِرَ الله فإنَّها مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ}.
4 - الفقراء أمانةٌ في أعناقِكم، فكونوا لهم عونًا وسندًا ولا تمنعوهم من فضلِ الله الذي آتاكم، فأكرموهم وابذلُوا لهم العطاءَ، واعلموا أن هناك طائفة منهم لا يسألون الناسَ ولا يطلبون شيئًا، تحسبونهم أغنياءَ من التعفُّفِ، فابحثوا عن هؤلاءِ، وصونوا عزةِ نفوسِهم، واجبرُوا خواطرِهم، وعجِّلوا بزكاتِكم، عسى الله أن يُعجِّلَ بأمرٍ من عنده يكون لنا فرجًا ومخرجًا من هذه الأزمةِ الإنسانيةِ.
5 - استغِلُّوا الوقتَ في العبادةِ وتلاوةِ القرآنِ، وغرسِ القيمِ والأخلاقِ في أفراد الأسرة.
6 - اجعلوا من هذا الشهرِ الكريم فرصةً للتضرُّعِ إلى الله عزَّ وجلَّ أن يُزيحَ هذا الوباءَ، فالمؤمنُ ليس له ملجأ غيرَ الله تعالى يلجأُ إليه ويطمعُ في رحمته وعفوه، ولا ينفكُّ المسلمُ مُفتقِرًا إليه في جلبِ المنافعِ، ودفعِ المضارِّ.
7- الأخذِ بالأسبابِ، إن أصابتْه سرَّاءُ كان من الشاكرينَ، وإن أصابته ضراءُ كان من الصابرينَ.
8- وعليكم بحسن الظن بالله، وثقوا بأنه سبحانه سيرفع البلاء وستعود حياة الناس إلى طبيعتها دينًا ودنيا، فهو سبحانه القائل عن نفسه في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي".