الأزهر: هناك فوضى في الفتاوي عبر الإعلام ومواقع التواصل (فيديو)

توك شو

بوابة الفجر


قال الدكتور أسامة الحديدي، مدير مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن من إشكاليات الفتوى في العصر الحاضر وخاصة في أيام الابتلاءات والنوازل حالة الفوضى التي نشاهدها عبر بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في الفتوى.

وأضاف "الحديدي"، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "60 دقيقة لايف" المذاع عبر فضائية "الحدث اليوم"، اليوم الخميس، أن هذه الفوضى يشترك فيها إثنين من يتلقى الفتوى الذي ينبغي أن يرجع للمصادر الدينية الرسمية والمؤسسات المعنية بالفتوى للحصول على فتواه، وشخص لا يراقب الله في كلمة يلقيها على مسامع الناس تضر بصحة إيمان الناس وتضر باستقرار وأمن المجتمع.

وتابع مدير مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن المركز يصدر الفتاوي على مدار الساعة من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة، وهناك خط ساخن 19906 لاستقبال اتصالات الجمهور والرد على تساؤلاتهم حول بعض الفتاوى، مع إنشاء صفحات للمركز عبر جميع مواقع التواصل الاجتماعي يمكن للمواطنين التواصل من خلالها على مدار الساعة وطرح أسلتهم للرد عليها. 

واعتمد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بداية الشهر الجاري، النسخة النهائية لكتاب: "خطورة التكفير والفتوى بدون علم "، وهو خلاصة نخبة من الأبحاث العلمية المتميزة المقدمة للمؤتمرين الدوليين: الثالث والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذى عقد بالقاهرة تحت عنوان: (خطورة الفكر التكفيري والفتوى بدون علم على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية)، والرابع والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية الذي عقد بالقاهرة تحت عنوان: (عظمة الإسلام وأخطاء بعض المنتسبين إليه: طريق التصحيح).

وتضمن الكتاب أهم توصيات المؤتمرين والعديد من الأبحاث الهامة في موضوع خطورة التكفير والفتوى بدون علم وبيان وسطية الإسلام. 
قال الدكتور محمد مختار جمعة في مقدمة الكتاب، "إلى كل محبي السلام في العالم نبعث من أرض مصر الكنانة بهذه الرسالة رسالة التسامح والسلام، الرافضة لكل ألوان التشدد والتطرف، حيث يعاني العالم بأسره من موجات التشدد باسم الدين، واقتحام غير المتخصصين لساحات الدعوة والفتوى، وتوظيف الدين لأغراض سياسية، مما جعلنا نقرر وبقوة النأي بالدعوة والفتوى معًا عن أي توظيف سياسي أو صراعات حزبية أو مذهبية تتاجر باسم الدين أو تستغل عاطفة التدين لتحقيق مصالح خاصة، حتى لو كان ذلك على حساب الدين وسائر القيم الأخلاقية والإنسانية.

وقال الوزير:" الذى لا شك فيه أن أي موجات للتشدد أو العنف أو الإرهاب أو الإسراع في التكفير إنما تنعكس سلبًا على قضايا الوطن وأمنه واستقراره ومصالحه العليا من جهة، وعلى علاقاته الدولية من جهة أخرى، حيث يصبح الخوف من انتقال عدوى التشدد هاجسًا كبيرًا لدى الأوطان والدول الآمنة المستقرة، في وقت صار العالم فيه قرية واحدة، ما يحدث في شماله يؤثر في جنوبه، وما يكون في شرقه تجد صداه في غربه، بل إن تأثير الجهات الأربع يتداخل ويتوازى ويتقاطع بشدة في ظل معطيات التواصل العصري عبر شبكات التواصل المتعددة التي لم يعد بوسع أحد تفادي أصدائها وتأثيراتها.

ولفت الوزير، إلى تحذير العلماء من خطورة إطلاق التكفير دون دليل قاطع، فقال الإمام الشوكاني (رحمه الله): إن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دينه ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضحَ من شمس النهار. وفي التأكيد على خطورة التكفير والتحذير من إطلاقه بدون حق لفت الوزير الى قول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ. فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ كَمَا قَالَوَ إِلاَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ"(أخرجه البخاري ومسلم).

وأشار الوزير، إلى أن روح التسامح والوعي بمقتضيات فقه التعايش من خلال المشتركات الإنسانية والتواصل الحضاري في ضوء الاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب من جهة، وبين أبناء المجتمع الواحد من جهة أخرى، إنما تنعكس إيجابًا على المصالح العليا للوطن من حيث الأمن والاستقرار، والتقدم والرخاء، بما يؤدي إلى مستقبل أفضل، والرقي إلى مصاف الأمم المتقدمة ؛فأكثر الدول إيمانًا بالتنوع هي أكثرها أمنًا وأمانًا واستقرارًا ورقيًّا وازدهارًا، أما الدول التي وقعت في فوضى الاحتراب والاقتتال الديني أو العرقي أو المذهبي دخلت في دوائر مرعبة من الفوضى والدمار.

وأكد الوزير، أن اقتحام غير المتخصصين لعالم الدعوة، وتصدرهم بغير حق لمجال الفتوى أدى إلى كثير من الضلال والإضلال والانحراف، وصدق نبينا (صلى الله عليه وسلم) ؛ إذ يقول:"إِنَّ الله لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حتى إذا لم يجد الناس عالمًا اتخذوا رُءُوسًا جُهَّالا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا" (صحيح البخاري).

قال الوزير، لهذا كله كان اختيارنا لقضية:"خطورة الفكر التكفيري والفتوى بدون علم وأثره على المصالح الوطنية والعلاقات الدولية " موضوعًا للمؤتمر الدولي الثالث والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة، قصدَ تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى كثير من الشباب والجماعات المتطرفة التي اتخذت من تكفير الآخر أو تخوينه أو اتهامه في دينه أو وطنيته وسيلة لاستباحة الدماء والأموال، والاعتداء على الآمنين أو حراس الوطن وحماته، والإفساد في الأرض: "وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ "(البقرة:205)، كما اخترنا عنوان: "عظمة الإسلام وأخطاء بعض المنتسبين إليه" عنوانًا للمؤتمر الدولي الرابع والعشرين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، قصد بيان بعض أوجه العظمة في ديننا الحنيف، وما ناله جرَّاء أخطاء بعض المنتسبين إليه، وحتمية العمل الجاد على تصويب هذه الأخطاء.