الإفتاء توضح حكم رسم صور ملونة للأشخاص
وجه شخص تساؤلًا للصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، حول حكم رسم الأشخاص بالقلم الرصاص والألوان؟.
وعقب الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، قائلًا: "إن رسم الأشخاص بقلم رصاص أو الألوان أو تلوين هذه الرسومات جائز ولا حرمة فيه؛ لأن الحرام هو التجسيم من أجل العبادة والمضاهاة لخلق الله والتعظيم"، معقبًا: "يحرم عمل تمثال من أجل العبادة وتحدي إرادة الله".
وتابع أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن التماثيل التي يتم عملها حاليًا لا تكون للعبادة ومضاهاة خلق الله، ولا حرمة فيها.
وفي سياق متصل، سأل أحد المواطنين: "أنا رجل أعمال أقوم باستيراد بضاعة وهى عبارة عن برواز يوضع على المكتب أو على الحائط وبداخله صور رجل وامرأة يرتديان فستان الفرح في الزفاف أو على شاطئ البحر وغير ذلك من الصور.
وأضاف في سؤاله أنه توجد كذلك صور للأطفال وهى صور فوتوغرافية ملونة موجودة داخل البراويز التي أقوم باستيرادها، كما توجد هذه الصور على نوتة تليفون أقوم أيضًا باستيرادها، كما أقوم باستيراد تماثيل بورسلين صغيرة توضع على المكتب كهدية وهى عبارة عن أشكال من الطيور أو أطفال وغير ذلك. فما حكم الدين في هذه البضاعة حلال أم حرام؟ وما العمل في الكميات الموجودة لدى؟
وكان رد الدكتور على جمعة محمد مفتى الجمهورية سابقًا أنه لا بأس بتداول الصور الفوتوغرافية للإنسان والحيوان؛ لأنها عبارة عن حبس للظل وليس فيها المضاهاة لخلق الله التي ورد فيها الوعيد للمصورين، وذلك ما لم تكن الصور عارية أو تدعو إلى الفتنة.
واستكمل أما التماثيل فتحرم صناعتها والتجارة فيها إذا كانت تامة الأجزاء الظاهرية ولم تكن هناك مصلحة تدعو إليها، وكانت من مادة تبقى مدة طويلة كالخشب والمعدن والحجر؛ لما رواه البخاري ومسلم عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى الْحَسَنِ قالَ " كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِى اللَّهُ عَنْهُمَا- إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، إِنِّى إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِى مِنْ صَنْعَةِ يَدِى، وَإِنِّى أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ! فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِى اللَّهُ عَنْهُمَا-: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا، فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ كُلِّ شىء لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ، " وغير ذلك من الأحاديث التي تدل على حرمة التصوير.
وأشار الدكتور على جمعة أنه قد فسر جمهور الفقهاء الحديث بصناعة التماثيل كما هو مفهوم من سياقه، وكما تحرم صناعتها والتجارة فيها يحرم كذلك اتخاذها واقتناؤها؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لَا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ" متفق عليه، مضيفا: أنه إذا كان التمثال كاملًا لا نقص فيه، أما إذا كان غير مكتمل بحيث لا يمكن لصاحب الصورة أن يبقى على هيئتها حيًّا فإنه يكون جائزًا صناعةً وتجارةً واتخاذًا؛ لحديث أَبى هريرة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أَتَانِى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لِي: أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْبَابِ تَمَاثِيلُ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِى في الْبَيْتِ يُقْطَعُ فَيَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ " رواه أبو داود والترمذى.
وأوضح أنه جاء في حديث ابن عباس -رضى الله عنهما- موقوفًا ومرفوعًا عند البيهقى وغيره "الصُّورَةُ الرَّأْسُ؛ فَإِذَا قُطِعَ الرَّأْسُ فَلَيْسَ بِصُورَةٍ "، وقد استثنى الفقهاء من حرمة التماثيل ما كان فيه مصلحة، كلعب الأطفال ووسائل الإيضاح في التعليم؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقر وجود العرائس عند عائشة -رضى الله عنها-، وأجاز أصبغ بن الفرج من المالكية اتخاذ التماثيل إذا كانت من نحو حلوى أو عجين، على أن بعض العلماء يقصر الحرمة في التماثيل على ما قصد به مضاهاة خلق الله وإن كان هذا قولًا مرجوحًا.
واختتم بقوله بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فعلى من يتاجر في مثل هذه البضائع أن يلتزم بالضوابط الشرعية السابقة في الحل والحرمة، وأن يتجنب الصور العارية التي فيها كشف لما أمر الله بستره، أما التماثيل الصغيرة فله أن يبيع ما عنده منها تقليدًا لقول من قصر الحرمة في التماثيل على ما قصد به مضاهاة خلق الله بناءً على أن التمثال الصغير ليس فيه المضاهاة التامة.