علي جمعة: حفظ النفس أحد غايات كافة الشرائع السماوية
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، إن المبدأ القرآني "الفتنة أشد من القتل"، مبدأ هام، فالقتل يكون لشخص، فيكون الضرر محصور في هذا الشخص، الذي يفتقده عمله وأسرته وأبناءه، لكن الفتنة تشيع وتنتشر، وتبقى لأجيال بعد أجيال، وتعم وتُصيب أشخاص واحوال ومواقف ودول وأمم أكثر مما يتصوره حتى الفاتن المتسبب في الفتنة نفسه.
وأضاف "جمعة"، خلال حواره ببرنامج "الله أعلم" على فضائية "سي بي سي"، اليوم السبت، أن القتل شديد وكبيرة من الكبائر وعظيمة من العظائم يهتز لها عرض الرحمن، والفتنة في الشدة والضرر أكثر وأعمق وأبقى من القتل.
وتابع، أن فتن يعني خدع أي ظهر بمظهر غير حقيقته؛ ولذا يسموا المرأة الجميلة فاتنة؛ لكونها من ناحية قد تؤدي لفتنة، ومن ناحية أخرى تنسي الناظر حقيقة الإنسان، موضحًا أن الفتنة أنواع فهناك فاتن فرد، وهناك فاتن مجموعة، وهناك فاتن عن قصد، وهناك فاتن عن غير قصد، موضحًا أننا في كل صلاة ندعو الله ان يقينا شر هؤلاء من خلال قراءة الفاتحة، حيث نقول "غير المغضوب عليهم وهم الفاتنين عن قصد، ولا الضالين، فهم الفاتنين عن غير قصد".
وأوضح مفتي الديار المصرية السابق، أن العلماء عندما تتبعوا كل شريعة وبحثوا عن مقاصدها وغايتها اتفقوا على أن الله سبحانه وتعالى أراد ان يحمي الإنسان في 5 أمور أسمها العلماء المقاصد العليا للشريعة، أول هذه المقاصد حفظ النفس، ثم حفظ العقل،، والله سبحانه وتعالى أمر الإنسان أن حافظ على النفس التى حرمها الله، مشددًا على أن حفظ النفس غاية من غايات كافة الشرائع السماوية، والفتنة تعتدي على النفس وتقتلها، وتعتدي على هذا المقصد من مقاصد الشريعة، منوهًا إلى أن المقصد الثاني للشريعة حفظ العقل، والفتنة تكون بالإعتداء على العقل، والمقصد الثالث هو حفظ الدين، وتأتي الفتنة للإعتدا على الدين، والمقصد الرابع للشريعة حقوق الإنسان وتأتي الفتنة لتزهق حقوق الإنسان، والمقصد الخامس للشريعة هو حفظ المال، وتأتي الفتنة لتعتدى على المال وتزهقه، وهذا يعني ضرب مقصد أو أكثر من المقاصد العليا للشريعة.
وأشار، إلى أن الله خلق الخلق لعمارة الأرض وتزكية النفس، واستدل بقول الله سبحانه وتعالى:" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"، وقال أيضًا: " هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا".