الأزهري يستعرض خطة إبراهيم باشا في صناعة نهضة علمية بالإسكندرية
تحدث الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، خلال حلقة اليوم من برنامجه "رؤى" على فضائية "دي ام سي" عن الشيخ ابراهيم باشا من مسجده بالإسكندرية، مؤكدا أنها أسرة علمية عريقة لها دور كبير في انطلاق حركة علمية بالإسكندرية.
وقال الأزهري، إن الحركة العلمية التي نبتت في مسجد الشيخ ابراهيم باشا صنعت أجيال من العلماء، وسطرّت صفحات من تخريج علماء أمناء على الدين والشريعة واجهوا فكر الانحراف ليموت في منابته الأولى، ففي رحاب الجامع الأنور( مسجد الشيخ ابراهيم باشا) كم دوى بين جدرانه دروس دقيقة في علوم الدين والدنيا.
وتابع: من مدينة الاسكندرية أرض أنبت وأمدت الوطن بقامات علمية وفكرية وسياسية وثقافية كبيرة، خطى فيه بن هرمز وفيها مدفن النبي دانيال، بلدة خرج فيها أبو طاهر السلفي وقصده طلاب علم الحديث من المشارق والمغارب، وبسببه صارت الاسكندرية مقصدًا لطلاب العلم، ومنها خرج الزعيم محمد كرًيم، وعبدالله النديم وعدد من الأئمة والهداة والرموز الوطنية الكبيرة.
وأضاف: عام 1240 هـ في تلك السنة، قام أحد الأعيان الكبار، وهو العالم الكبير الشيخ ابراهيم باشا، بوضع حجر الأساس لمسجده على أرض الإسكندرية ، ودعا الطلاب للتعلم فيه، فكان الشيخ ابراهيم باشا ممتليء بطموح كبير أن يتحول مسجده لنموذج مصغر من الجامع الأزهر الشريف، حتى سمّى جامعه بالجامع الأنور على غرار الجامع الأزهر في القاهرة.
وأوضح أن الشيخ ابراهيم باشا يرجع إلى أصول جزائرية، ووفد إلى أرض الإسكندرية وانشغل بالعلم والتعليم ، مشيرا إلى أن الكثير من الناس يخلط بين مسجد الشيخ ابراهيم باشا، ومسجد القائد ابراهيم، مؤكدا أن فارق كبير بين القائد ابراهيم وجامع الشيخ ابراهيم باشا والذي يعد صفحة مطوية من تاريخ العلم والثقافة والزعامة في أرض الاسكندرية.
وأشار إلى أن المسجد مكون من طابقين الدور الأرضي كان عبارة عن دكاكين وأوقاف وحوانيت ورباع تؤجّر للناس وتعمر فيها حركة البيع والشراء، وكل الأمول التي تدره الدكاكين كان وقف على الجامع للإنفاق على طلاب العلم، وهيأ لهم سكن ومكتبة للمطالعة ورتب لهم الرواتب والأوقاف، كنواة لجامعة علمية جليلة الشأن، فكان موفقا في وضع خطة الدراسة وتوفير المال والسكن للطلاب والقائمين على العلم للإنفاق على الحركة العلمية من الأوقاف الخاصة بذلك .
وأكمل حديثه: استمر في التدريس في مسجده العريق حتى لما وافته المنية، كان قد خرج عدد من الأجيال من العلماء على رأسهم ابنه الشيخ سليمان ابراهيم باشا، وكان يتولى المواظبة على التدريس، ودرّست في هذا الجامع كل العلوم التي كانت تدرّس بالجامع الأزهر اضافة الى علم الفلك وعلوم الحساب والهندسة، مما جعله نواة مصغرة لجامعة كاملة الاستقلال والافادة والتنوير للمجتمع.
وتابع: علي مبارك في "الخطط التوفيقية" يقول مسجد الشيخ ابراهيم باشا به دروس العلم لاتنقطع هو في الاسكندرية كالأزهر المعمور في مصر، وكان من أشهر خريجي المسجد عبدالله النديم خطيب الثورة العرابية.
واستمرت الدراسة حتى في سنة 1903 ميلادي حدث فارق في تلك السنة قام الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر برفع مذكر للخديوي عباس حلمي يطالبه فيها، بالنظر في ترتيب الشئون العلمية في ثغر الاسكندرية، على أن تكون المدارس ملحقة بالأزهر وبطريقة التدريس فيه وبطريقة منح شهادة العالمية، وترتيب الرواتب المصروفة للعلماء، فنظر الخديوي وأصدر قراره ووافق على ترتيب العلوم وشئون الدراسة في الاسكندرية .
واستطرد: فسافر الشيخ سليم البشري برفقة الامام محمد عبده مفتي الديار المصرية وقتها، وشكّلوا لجنة مكونة من 3 من كبار علماء الاسكندرية وبعضوية قاضي الاسكندرية، لإعادة النظر في ترتيب شئون المدارس العلمية في الاسكندرية ، وبدأت تنظر في الجامع الأنور ورصدت العلماء وترتيب درجاتهم ، فسجلت 47 عالم ثم انعقد مجلس الازهر الأعلى، وصدر القرار لتنظيم الدراسة في جامع براهيم باشا ليكون مطابق لبرنامج الدراسة الموجود في الأزهر الشريف.
وقال: استقر مجلس الازهر الأعلى أن يكون محمود سليمان ابراهيم باشا هو شيخ علماء الإسكندرية، أكبر أفراد الأسرة، ولقدم العلم والوقفيات في بيتهم وتمتعه بمرتبة كبيرة بين العلماء الذين يشهدون له بالإمامه، مما يدل على أن النور والعلم سرى في ذلك البيت جيل من وراء جيل، كنواة ونقطة لانطلاق وتأسيس حركة علمية خرجت أجيال من العلماء.